الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الملل والنحل **
وهؤلاء من فرق الصابئة. وقد أدرجنا مقالتهم المناظرات جملة. ونذكرها ههنا تفصيلاً. أصحاب الهياكل أعلم أن أصحاب الروحانيات لما عرفوا أن لا بد للإنسان من متوسط ولا بد للمتوسط من أن يرى فيتوجه إليه ويتقرب به ويستفاد منه. فزعوا إلى الهياكل التي هي السيارات السبع فتعرفوا أولاً بيوتها ومنازلها وثانياً مطالعها ومغاربها وثالثاً اتصالاتها على أشكال الموافقة والمخالفة مرتبة على طبائعها ورابعاً تقسيم الأيام والليالي والساعات عليها وخامساً تقدير فعملوا الخواتيم وتعلموا العزائم والدعوات وعينوا ليوم زحل مثلاً: يوم السبت وراعوا فيه ساعته الأولى وتختموا بخاتمة المعمول على صورته وهيئته وصنعته ولبسوا اللباس الخاص به وتبخروا ببخوره الخاص ودعوا بدعواته الخاصة به وسألوا حاجتهم منه: الحاجة التي تستدعي من زحل: من أفعاله وآثاره الخاصة به فكان يقضي حاجتهم ويحصل في الأكثر مرامهم. وكذلك رفع الحاجة التي تختص بالمشتري في يومه وساعته وجميع الإضافات التي ذكرنا إليه. وكذلك سائر الحاجات إلى الكواكب. وكانوا يسمونها: أرباباً آلهة والله تعالى هو رب الأرباب وإله الآلهة. ومنهم من جعل الشمس: إله الآلهة ورب الأرباب. وكانوا يتقربون إلى الهياكل تقرباً إلى الروحانيات ويتقربون إلى الروحانيات تقرباً إلى الباري تعالى لاعتقادهم بأن الهيام أبدان الروحانيات ونسبتها إلى الروحانيات نسبة أجسادنا إلى أرواحنا فهم الأحياء الناطقون بحياة الروحانيات وهي تتصرف في أبدانها: تدبيراً وتصريفاً وتحريكاً كما نتصرف في أبداننا. ولاشك أن من تقرب إلى شخص فقد تقرب إلى روحه. ثم استخرجوا من عجائب الحيل المرتبة على عمل الكواكب ما كان يقضي منهم العجب. وهذه الطلسمات المذكورة في الكتب والسحر والكهانة والتنجيم والتعزيم والخواتيم والصور. كلها من علومهم. أصحاب الأشخاص وأما أصحاب الأشخاص فقالوا: إذا كان لا بد من متوسط يتوسل به وشفيع يتشفع إليه والروحانيات وإن كانت هي الوسائل لكنا إذا لم نرها بالأبصار ولم نخاطبها بالألسن: لم يتحقق التقرب إليها بهياكلها. ولكن الهياكل قد ترى في وقت ولا ترى في وقت لأن لها طلوعاً وأفولاً وظهوراً بالليل وخفاءً بالنهار فلم يصف لنا التقرب بها والتوجه إليها. فلا بد لنا من صور وأشخاص موجودة قائمة منصوبة نصب أعيننا نعكف عليها ونتوسل بها إلى الهياكل فنتقرب بها إلى الروحانيات ونتقرب بالروحانيات إلى الله سبحانه وتعالى فنعبدهم: ليقربونا إلى الله زلفى. فاتخذوا أصناماً أشخاصاً على مثال الهياكل السبعة: كل شخص في مقابلة هيكل وراعوا في ذلك جوهر الهيكل اعني الجوهر الخاص به من الحديد وغيره وصوروه بصورته على الهيئة التي تصدر أفعاله عنه وراعوا في ذلك: الزمان والوقت والساعة والدرجة والدقيقة وجميع الإضافات النجومية من اتصال محمود يؤثر في نجاح المطالب التي تستدعي منه. فتقربوا إليه في يومه وساعته وتبخروا بالبخور الخاص به وتختموا بخاتمه ولبسوا لباسه وتضرعوا بدعائه وعزموا بعزائمه وسألوا حاجتهم منه فيقولون: إنه كان يقضي حوائجهم بعد رعاية الإضافات كلها. وذلك هو الذي أخبر التنزيل عنهم: أنهم عبدة الكواكب والأوثان. فأصحاب الهياكل: هم عبدة الكواكب إذ قالوا بإلهيتها كما شرحنا. وأصحاب الأشخاص هم مناظرات إبراهيم الخليل لأصحاب الهياكل وأصحاب الأشخاص وكسره مذاهبهما وقد ناظر الخليل عليه السلام هؤلاء الفريقين. فابتدأ بكسر مذاهب أصحاب الأشخاص وذلك قوله تعالى: " وأنت بفطرتك وخلقتك أشرف درجة منها لأنك خلقت: سميعاً بصيراً نافعاً ضاراً والآثار السماوية فيك أظهر منها في هذا المتخذ تكلفاً والمعمول تصنعاً فيالها من حيرة! إذ صار المصنوع!: يا أبت! لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصياً: با أبت! إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن. ثم دعاه إلى الحيفية الحقة قال: يا أبت! إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطاً سوياً. قال: أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم!. فلم تقبل حجته القوية. فعدل عليه السلام عن القول إلى الكسر للأصنام بالفعل فجعلهم جذاذاً غلا كبيراً لهم فقالوا: من فعل هذا بآلهتنا. قال: بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون فرجعوا إلى أنفسهم فقالوا: إنكم أنتم الظالمون ثم نكثوا عن رؤوسهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون. فافحمهم بالفعل حيث أحال الفعل على كبيرهم كما أفحمهم بالقول حيث أحال الفعل منهم. وكل ذلك على طريق الإلزام عليهم وإلا فما كان الخليل كاذباً قط. ثم عدل إلى كسر مذاهب أصحاب الهياكل وكما أراه الله تعالى الحجة على قومه قال: وكذلك نرى إبراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين فأطلعه على ملكوت الكونين والعالمين: تشريفاً له على الروحانيات وهياكلها. وترجيحاً لمذهب الحنفاء على مذهب الصابئة وتقريراً: أن الكمال في الرجال فأقبل على إبطال مذهب أصحاب الهياكل: فلما جن عليه الليل رأى كوكباً قال: هذا ربي على ميزان إلزامه على أصحاب الأصنام: بل فعله كبيرهم هذا وإلا فما كان الخليل عليه السلام كاذباً في هذا القول ولا مشركاً في تلك الإشارة. ثم استدل بالأفول الزرال والتغير والانتقال على أنه لا يصلح أن يكون رباً إلهاً فإن الإله القديم لا يتغير وإذا تغير احتاج إلى مغير. هذا لو اعتقدتموه: رباً قديماً وإلهاً أزلياً ولو اعتقدتموه: واسطة وقبلة وشفيعاً ووسيلة فإن الأفول الزوال يخرجه أيضاً عن حد الكمال. وعن هذا ما استدل عليه بالطلوع وإن كان الطلوع أقرب إلى الحدوث من الأفول فإنهم إنما انتقلوا إلى عمل الأشخاص لما عراهم من التحير بالأفول فأتاهم الخليل عليه السلام من حيث تحيرهم فاستدل عليهم بما اعترفوا بصحته وذلك أبلغ في الاحتجاج. ثم لما رأى القمر بازغاً قال: هذا ربي فلما أفل قال: لأن لم يهدني ربي لأكون متن القوم الضالين فيا عجباً مما لا يعرف رباً كيف يقول: لأن لم يهدني ربي لأكون من القوم الضالين!. رؤية الهداية من الرب تعالى: غاية التوحيد ونهاية المعرفة والواصل إلى الغاية والنهاية كيف يكون في مدارج البداية!. دع هذا كله خلف قاف وارجع بنا إلى ما هو شاف كاف فإن الموافقة في العبارة على طريق الإلزام على الخصم: من أبلغ الحجج وأوضح المناهج وعن هذا قال لما رأى الشمس بازغة قال: هذا ربي هذا أكبر لاعتقاد القوم أن الشمس ملك الفلك وهو رب الأرباب: الذي يقتبسون منه الأنوار ويقبلون منه الآثار فلما أفلت قال: يا قوم إني بريء مما تشركون إني وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً وما أنا من المشركين. قرر مذهب الحنفاء وأبطل مذهب الصابئة وبين أن الفطرة هي الحنيفية وأن الطهارة فيها وأن الشهادة بالتوحيد مقصورة عليها وأن النجاة والخلاص متعلقة بها وأن الشرائع والأحكام مشارع ومناهج إليها وأن الأنبياء والرسل مبعوثون لتقريرها وتقديرها وأن الفاتحة والخاتمة والمبدأ والكمال منوطة بتحصيلها وتحريرها. ذلك: الدين القيم والصراط المستقيم والمنهج الواضح والمسلك اللائح قال الله تعالى لنبيه المصطفى صلى الله عليه سلم: " وهم جماعة من الصابئة مقالات الحرنانية قالوا: إن الصانع المعبود واحد وكثير: أما واحد ففي الذات والأول والأصل والأزل. و أما كثير فلأنه يتكثر بالأشخاص في رأي العين وهي المدبرات السبعة والأشخاص الأرضية: الخيرة العالمة الفاضلة فإنه يظهر بها ويتشخص بأشخاصها ولا تبطل وحدته في ذاته. وقالوا: هو أبدع الفلك وجميع ما فيه من الأجرام والكواكب وجعلها مدبرات هذا العالم وهم الآباء والعناصر أمهات والمركبات مواليد. والآباء أحياء ناطقون يؤدون الآثار إلى العناصر فتقبلها العناصر في أرحامها فيحصل من ذلك المواليد. ثم من المواليد قد يتفق شخص مركب من صفوها دون كدرها ويحصل له مزاج كامل الاستعداد فيتشخص الإله به في العالم. ثم أن طبيعة الكل تحدث في كل إقليم من الأقاليم المسكونة على رأس كل سنة وثلاثين ألف سنة وأربعمائة وخمس وعشرين سنة: زوجين من كل نوع من أجناس الحيوانات ذكراً أو أنثى من الإنسان وغيره فيبقى ذلك النوع تلك المدة. ثم إذا انقضى الدور بتمامه انقطعت الأنواع: نسلها وتوالدها فيبتدأ دور آخر ويحدث قرن آخر: من الإنسان والحيوان والنبات. وكذلك أبد الدهر. قالوا: وهذه هي القيامة الموعودة على لسان الأنبياء عليهم السلام وإلا فلا دار سوى هذه الدار: وما يهلكنا إلا الدهر. ولا يتصور إحياء الموتى وبعث من في القبور: أيعدكم: أنكم إذا متم وكنتم تراباً وعظاماً أنكم مخرجون هيهات هيهات لما توعدون. وهم الذين أخبر التنزيل عنهم بهذه المقالة. وإنما نشأ أصل التناسخ والحلول من هؤلاء القوم. فإن التناسخ هو أن تتكرر الأكوار والأدوار إلى ما لا نهاية له ويحدث في كل دور مثلما حدث في الأول. والثواب والعقاب في هذه الدار لا في دار أخرى لا عمل فيها. والأعمال التي نحن فيها إنما هي أجزية على أعمال سلفت منا في الأدوار الماضية فالراحة والسرور والفرح والدعة التي نجدها: هي مرتبة على أعمال البر التي سلفت منا في الأدوار الماضية والغم والحزن والضنك والكلفة التي نجدها: هي مرتبة على أعمال الفجور التي سبقت منا. وكذلك كان في الأول. وكذا يكون في الآخر والانصرام من كل وجه غير متصور في الحكيم. وأما الحلول فهو التشخص الذي ذكرناه وربما يكون ذلك بحلول ذاته وربما يكون بحلول جزء من ذاته على قدر استعداد مزاج الشخص. وربما قالوا: إنما تشخص بالهياكل السماوية كلها هو واحد وإنما يظهر فعله في واحد بقدر آثاره فيه وتشخصه به. فكأن الهياكل السبعة أعضاؤه السبعة وكأن اعضاءنا السبعة هياكله السبعة: فيها يظهر فينطق بلساننا ويبصر بأعيننا ويسمع بآذاننا ويقبض ويبسط بأيدينا ويجيء ويذهب بأرجلنا ويفعل بجوارحنا. مزاعم الحرنانية وزعموا: أن الله تعالى أجل من أن يخلق: الشرور والقبائح والأقذار والخنافس والحيات والعقارب. بل هي كلها واقعة ضرورة عن اتصالات الكواكب: سعادة ونحوسة واجتماعات العناصر: صفوة وكدورة. فما كان من: سعد وخير وصفو فهو المقصود من الفطرة فينسب إلى الباري تعالى. وما كان من: نحوسة وشر وكدر فهو الواقع ضرورة فلا ينسب إليه بل هي: إما اتفاقيات وضروريات وإما مستندة إلى أصل الشرور والاتصال المذموم. والحرانية ينسبون مقالتهم إلى عاذيمون وهرمس وأعيانا وأواذى: أربعة من الأنبياء. ومنهم من ينتسب إلى سولون جد أفلاطون لأمه ويزعم أنه كان نبياً. وزعموا أن أواذى حرم عليهم: البصل والكراث والباقلي. أعمال الصابئة كلهم وهياكلهم والصابئون كلهم يصلون ثلاث صلوات ويغتسلون من الجنابة ومن مس الميت وحرموا أكل الجزور والخنزير والكلب ومن الطير كل ما له مخلب والحمام. ونهوا: عن السكر في الشراب وعن الإختتان. وأمروا بالتزويج بولي وشهود ولا يجوزون الطلاق إلا بحكم حاكم ولا يجمعون بين إمرأتين. وأما الهياكل التي بناها الصابئة على أسماء الجواهر العقلية الروحانية وأشكال الكواكب فمنها: هيكل العلة الأولى ودونها: هيكل العقل وهيكل السياسة وهيكلا لصورة وهيكل النفس. مدورات الشكل. وهيكل زحل: مسدس وهيكل المشتري: مثلث وهيكل المريخ: مربع مستطيل وهيكل الشمس: مربع وهيكل الزهرة: مثلث في جوف مربع وهيكل عطارد: مثلث في جوفه مربع مستطيل وهيكل القمر: مثمن.
الفلسفة باليونانية: محبة الحكمة. والفيلسوف هو: فيلا وسوفا وفيلا هو المحب وسوفا: الحكمة أي هو: محب الحكمة. والحكمة: قولية وفعلية: أما الحكمة القولية وهي العقلية أيضاً فهي كل ما يعقله العاقل بالحد وما يجري مجراه مثل الرسم. وبالبرهان وما يجري مجراه مثل الاستقراء. فيعبر عنه بهما. وأما الحكمة الفعلية: فكل ما يفعله الحكيم لغاية كمالية. فالأولي الأزلي لما كان هو: الغاية والكمال فلا يفعل فعلاً لغاية دون ذاته وإلا فيكون الغاية والكمال هو الحامل والأول محمول وذلك محال. فالحكمة في فعله وقعت تبعاً لكمال ذاته وذلك هو الكمال المطلق في الحكمة وفي فعل غيره من المتوسطات وقعت مقصوداً للكمال المطلوب وكذلك في أفعالنا. ثم إن الفلاسفة اختلفوا في الحكمة القولية العقلية اختلافاً لا يحصى كثرة والمتأخرون منهم خالفوا الأوائل في أكثر المسائل. وكانت مسائل الأولين محصورة في الطبيعيات والإلهيات وذلك هو الكلام في الباري تعالى والعالم ثم زادوا فيها الرياضيات. وقالوا: العلم ينقسم إلى ثلاثة أقسام: علم ما وعلم كيف وعلم كم. فالعلم الذي يطلب فيه ماهيات الأشياء هو العلم الإلهي والعلم الذي يطلب فيه كيفيات الأشياء هو العلم الطبيعي والعلم الذي يطلب فيه كميات الأشياء هو العلم الرياضي سواء كانت الكميات مجردة عن المادة أو كانت مخالطة بعد. فأحدث بعدهم أرسطوطاليس الحكيم: علم المنطق وسماه تعليمات وإنما هو جرده من كلام القدماء وإلا فلم تخل الحكمة عن قوانين المنطق قط. وربما عدها آلهة العلوم لا من جملة العلوم فقال: الموضوع في العلم الإلهي هو الوجود المطلق ومسائله: البحث عن أحوال الوجود من حيث هو وجود. والموضوع في العلم الطبيعي هو الجسم ومسئله: البحث عن أحوال الجسم من حيث هو جسم. والموضوع في العلم الرياضي هو الأبعاد والمقادير وبالجملة: الكمية من حيث إنها مجردة عن المادة ومسائله: البحث عن أحوال الكمية من حيث هي كمية. والموضوع في العلم المنطقي هو المعاني التي في ذهن الإنسان من حيث يتأدى بها إلى غيرها من العلوم ومسائله: البحث عن أحوال تلك المعاني من حيث هي كذلك. قالت الفلاسفة: ولما كانت السعادة هي المطلوبة لذاتها وإنما يكدح الإنسان لنيلها والوصول إليها وهي لا تنال بالحكمة فالحكمة تطلب إما ليعمل بها وإما لتعلم فقط فانقسمت الحكمة إلى قسمين: عملي وعلمي. ثم منهم من قدم العملي على العلمي ومنهم من أخر كما سيأتي. فالقسم العملي هو عمل الخير والقسم العلمي هو علم الحق. قالوا: وهذان القسمان مما يوصل إليه بالعقل الكامل والرأي الراجح غير أن الاستعانة في القسم العملي منه بغيره أكثر. والأنبياء عليهم السلام أيدوا بإمداد روحانية تقريراً للقسم العلمي ولطرف ما من القسم العملي. فغاية الحكيم هو أن يتجلى لعقله كل الكون ويتشبه بالإله الحق تعالى وتقدس بغاية الإمكان. وغاية النبي أن يتجلى له نظام الكون فيقدر على ذلك مصالح العامة حتى يبقى نظام العالم وتنظيم مصالح العباد وذلك لا يتأتى إلا بترغيب وترهيب وتشكيل وتخييل. فكل ما ورد به أصحاب الشرائع والملل: مقدر على ما ذكرناه عند الفلاسفة إلا من أخذ علمه من مشكاة النبوة فإنه ربما بلغ إلى حد التعظيم لهم وحسن الاعتقاد في كمال درجتهم. ومنهم: حكماء العرب وهم شرذمة قليلون لأن أكثر حكمهم: فلتات الطبع وخطرات الفكر وربما قالوا بالنبوات. ومنهم: حكماء الروم وهم منقسمون إلى القدماء الذين هم أساطين الحكمة وإلى المتأخرين منهم وهم: المشاءون وأصحاب الرواق وأصحاب أرسطوطاليس وإلى فلاسفة الإسلام الذين هم حكماء العجم وإلا كانت متلقاة من النبوات: إما من الملة القديمة وإما من سائر الملل. غير أن الصابئة كانوا يخلطون الحكمة بالصبوة. فنحن نذكر مذاهب الحكماء القدماء: من الروم واليونانيين على الترتيب الذي نقل في كتبهم ونعقب ذلك بذكر سائر الحكماء إن شاء الله تعالى. فإن الأصل في الفلسفة والمبدأ في الحكمة للروم وغيرهم كالعيال لهم.
|